تجلس على كرسيها وبيدها كأس تحتسي فيه شاياً بارداً
تقلب عينيها في العالم من حولها
فترى الجميع يبدون كأجمل مايكون
تتأمل الملابس الزاهية التي يرتدون
تذهلها تسريحة شعر تلك التي تمشي في آخر الممر
وهذه ترتدي عقداً براقاً لم ترى مثله قط
وهناك تجلس أخرى وبيديها علبة مكياجها الفاخرة
تتأمل وهي على كرسيها
فتصافحها كل أنواع العطور
تنظر من حولها
تتأمل إلى الأنوثة وهي تبدو كأزهى مايكون ..
ثم سرعان ما يقل الزحام شيئاً فشيئاً ليخلو الممر الذي تقبع فيه
يخلو من الجميع إلا منها
فتنعكس صورتها على الباب الزجاجي الذي أمامها
بعد أن أخفتهُ أسراب المارات طويلاً
فترى نفسها .. وهي تبدو شاحبة / قاتمة / ذابلة
ثم تطرق طويلاً وتسحب نفساً كئيبا سرعان مايفر من رئتيها
فيخرج ساخناً بحرارة الألم الذي يكتسحها
تحاول أن تشعر بالانتماء للمكان .. لكن سرعان ما يرفضها كل شيء
تبحث عن لمحة أنوثة فيها .. لكن دون جدوى
فملابسها الزرقاء القاتمة تجعل منها كائناً يحتقره الفارغون
تتأمل يديها الخشنتين .. وملامحها الحزينة
تنظر إلى ملابسها الرثة
ووجهها الباهت ..
فتزدحم الدموع في عينيها تتساءل :
ألست أنثى ؟؟
لمَ أنا وحدي أرتدي قماشاً قاتماً ؟؟
لمَ أُجبر على البقاء في هذه الزاوية ؟؟
لمَ أنظف لهن طاولاتهن ؟؟
لمَ أنا ذابلة ؟؟
تباً للفقر الذي أرسلني إلى هنا
تباً للفقر الذي كساني الكآبة
تباً لزجاج الباب الذي نبش أحزاني
تباً لكل شيء قتل أنوثتي ..
فتشيح بوجهها بحثاً عن شيء ينسيها ما رأت
وماهي إلا لحظات وتختفي صورتها بين أفواج الطالبات من جديد
فتعود لتأملها السابق
ولكن هذه المرة ترى كل الصور من خلف زحام الدموع .
.